تستيقظ فجراً، توقظ زوجها، تحضّر "الزوّادة"، تودّعه قبل خروجه إلى العمل، تحضّر الفطور، توقظ أطفالها، تسرّح شعرهم، ترتّب، تجمع، تنظّف، تلمّ، تدرّس، تعالج، وتحبّ.
خمسون فعلاً وأكثر؛ سردتها النساءُ المشاركات في ورشةٍ بعنوان "نحن النصف"؛ ليصفنَ روتين حياتهنّ اليوميّ، وتصاعدت أصواتهنّ كلّما اكتشفنَ تشابهاً في نمط أيّامهنّ، وعظمة الجهد والإبداع المبذوليْن يوميّاً من أجل "ترتيب ساحة المعركة"، أو "جمع شظايا القنبلة"حسب وصفهنّ لمنازلهنّ بعد خروج أفراد العائلة وقبل انطلاق بعضهنّ إلى العمل؛ ليتمكنّ من إعادة إنتاج البيت كلوحةٍ فنيّة.
أتبعنَ الأفعال الخمسين بالعدد ذاته من القدرات اللواتي يمتلكنها؛ منها القدرة على الاحتمال، وحبّ الأطفال دون تمييز، والاحتواء، وأضافت إحداهنّ: "الزوج وحده قضيّة"مازحةً بتأكيدٍ على أنّ التعايش مع الزوج وأفكاره وأطباعه متعبٌ بحدّ ذاته.
كلّ ذلك كان مُنطلقاً من عبارةٍ كتبتها إحدى المشاركات: "من قال إنّ المرأة نصف عقل؟"، وبعد طرح ما يفعله "هذا النصف"وما يبذله من جهدٍ في المجتمع والأسرة، توصّلنَ إلى أنّهنّ نصفٌ بالفعل، ولكن النصف الفعّال من المجتمع، ولسنَ نصفَ عقل، وأضفنَ: "نحن ننتج جسم المجتمع وروحه".
جاء ذلك خلال الورشةِ، التي نظّمها برنامج البحث والتطوير التربويّ/مؤسسة عبد المحسن القطّان في مركز المعلّمين في نعلين، وقدّمها الباحث الرئيسيّ في البرنامج مالك الريماوي، الأربعاء 16/11/2016.
لم تكن المشاركات يتحدّثنَ عن همومهنّ اليوميّة بغرضِ التفريغ، ولا بهدف وصم "الرجل"بصفة "الآخر"، فالآخر هنا هو العقل الاجتماعيّ الذي يُفرض على كلا الجنسيْن؛ فناقشن أيضاً قلقهنّ -كأمّهات- من أنّ أبناءهنّ لا يتلقّون التربية ضمن الأسرة فقط؛ فقالت إحدى الأمّهات: "أنا ما ربّيت ولادي هيك، عم بيصيروا نسخة من الرجال إللي حواليهم"، ليتّفقن على أنّ البيت -كوحدة تغيير- ليس كافياً، بل يحتاجُ بيئةً محيطة داعمة؛ فالأطفال يتعلّمون بالمحاكاة وليس بالوعظ والقول.
وفي سياقٍ متّصل؛ تحدّثت النساء المشاركات عمّا يحببنه في بلدتهنّ "نعلين"، وما افتقدنه فيها ويردن عودته، ونفّذن ما يشبه عصفاً ذهنيّاً جهريّاً، وسردنَ نصوصاً قصيرة عن البلدة؛ ليصبّ ذلك في الهدف العمليّ لهذه الورشةِ وسابقاتها؛ وهو إصدار كتاباتهنّ في منشورٍ سمينه "صوت النساء"، ضمن مشروع الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعيّة الذي يتمّ بالتعاون مع الوكالة السويسريّة للتنمية (SDC).