نظم برنامج البحث والتطوير التربويّ، مؤخّراً، عدّة فعاليات ثقافيّة ميدانيّة مع المجتمع المحليّ في كلّ من نعلين وأريحا وقلقيلية؛ وذلك ضمن مشروع "الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية"، وبدعم مشارك من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC).
ففي بلدة نعلين استقبل طلبة المشروع العمّال الفلسطينيين على حاجز نعلين بالورود والماء، وذلك إحياءً ليوم العمّال العالمي الذى يصادف الأول من أيار من كلّ عام، وتمّ تنفيذ النشاط بإشراف المعلّم إبراهيم الخطيب، والباحثة الاجتماعية فردوس الخواجا؛ وقد اختير الحاجز لأنّه يمثّل تحدّياً ومكاناً يثير قضايا ملّحة لدى المواطنين في نعلين.
وتم تقسيم الطلبة إلى ثلاثِ مجموعات: مجموعة تجري المقابلات مع العمال من أجل معرفة أهم القضايا التي يعانون منها على الحاجز، ومجموعة تصوّر المقابلات وتلتقط صوراً تعبّر عن القضايا المجتمعيّة ذات العلاقة بالحاجز؛ كالسيارات غير القانونية وعمالة الأطفال، والمجموعة الثالثة توثّق النشاط وتعبّر عنه من خلال كتابة تقرير والتأمل في التجربة.
وأشار الخطيب إلى أنّ أغلب القضايا التي تخصّ العمال تتقاطع بشكل جوهري مع القضايا المجتمعية في نعلين؛ فالحاجز الإسرائيلي المقام على أراضي نعلين هو سياق لفهم القضايا الأخرى والتعمّق بها؛ مضيفاً: "أهمّ القضايا المجتمعيّة في نعلين تتمحور حول عمالة الأطفال والسيارات غير القانونية، وسيتم تجسيد تلك القضايا بالصورة والرسم والمجسمات والفيديو، عبر تنظيم معرض فني من إنتاج طلبة المشروع".
من جانبه؛ قال الطالب عبد الله سرور من نعلين: "كسرت حاجز الخوف من مواجهة الناس، وذلك من خلال الوقوف أمام العامل وتوجيه الأسئلة له، ورأيت القضايا التي بحثنا عنها في المشروع بشكل أقرب كعمالة الأطفال، وعدم النظام الذي يسبب مشاكل بين العمال".
في سياق متّصل، أجرى فريق المشروع في مدينة قلقيلية مقابلات ميدانيّة مع المواطنين وبعض مديري المؤسسات المجتمعيّة والفنانين والمثقفين في المدينة؛ وذلك من أجل البحث عن قضايا ملحة في قلقيلية واستكشاف الآراء المختلفة حولها.
وانخرط في الجولة الميدانيّة مع الطلبة، كلّ من المعلم سعيد خضر، والفنان صهيب منصور، والباحثة المجتمعيّة عبير عودة، والإعلامية أسيل خروب، ومنسّق نادي قلقيلية الأهلي ربيع عرباس، والمصورين وسام شريم، ومحمد عرام، وفريق "مبدعون"من قلقيلية، وطاقم راديو نغم.
وقال منصور: "تمحورت المشاكل حول تراكم النفايات بسبب إغلاق مكب النفايات في الشمال، وعدم وجود مركز ثقافي أو مسرح في المدينة، وعدم وجود أماكن ترفيهية مجانية للعائلات"؛ مضيفاً: "إن فريق المشروع يعمل حالياً على قراءة المقابلات وتحليلها من أجل إنتاج فيلم يجسد أهم القضايا المجتمعية التي تهم المواطنين في قلقيلية".
أمّا في مدينة أريحا؛ فتمّ تنظيم لقاء حواريّ مع النساء، وذلك بإشراف الباحثة الاجتماعية نادرة المغربي والمعلم وليد غروف، وبمشاركة 31 امرأة في مدرسة زهرة المدائن.
وبدأ اللقاء بتوضيح أهداف المشروع، وأهمية انخراط النساء في القضايا المجتمعية التي تهمّ الناس في أريحا.
وتمحور اللقاء حول قضايا المرأة واهتماماتها في المدينة، وضرورة توعيتها في مختلف المجالات، وتقديم الدعم التثقيفي والنفسي لها، فيما اتفقت المشاركات على هذا البند كمقترح لفريق المشروع للعمل عليه في المرحلة القادمة.
بدوره، قال مالك الريماوي مدير مسار اللغات والعلوم الاجتماعية في البرنامج: "إنّ المشروع في جوهره هو مشروع في بناء المشاركة المجتمعية، ومشاركة الناس في تحديد قضايا مجتمعهم والعمل على حلّها، لكن ما يشكل إضافة أخرى للمشروع هو توظيف الثقافة والفنون كسياقات مجتمعية للرؤية الواضحة، وبلورة الصوت الجمعي للناس كصوت يتم تمثيله بأشكال فنية وتعبيرات ثقافية تعكس حالة من البحث الجماعي والإبداعي الفني"، مضيفاً أنّ المشروع هو بناء صوت مجتمعي للناس بمنظور ثقافي ووسائط فنية.
وأكّد الريماوي أن "المشروع يأتي تعبيراً عن رؤيا مؤمنة بأهمية اعتماد الناس على أنفسهم، من خلال بناء نماذج مجتمعية، فالمجتمعات تفكر لأجل ذاتها بذاتها، وتعكس هذا التفكير برؤى ونتاجات فنية، والمشروع يمثل إعادة موضعة الثقافة بوصفها عيش الناس وإبداعهم لحياتهم".
وينصبُّ جوهرُ المشروع بضم نشطاء وباحثين وفنانين بهدف تفعيل عملية تشاركية مع الناس من أجل تحديد القضايا المجتمعية، وذلك عبر رحلة تأمل وتفاعل مع قضاياهم، وتمثيل هذه القضايا في مشاريع فنية ينتجها الناس أنفسهم؛ فهو يهدف إلى بناء حراك اجتماعيّ مجتمعي للتعرف على قضايا تهم الناس أولاً، ومن ثمّ التعبير عنها من خلال الأعمال الفنية واستخدامها لانخراط المجتمع المحلي-أفراداً ومؤسسات- في تنمية المجتمع وتطويره وتعزيز المسؤولية والمشاركة المجتمعيّة.